14 يوليو 2012،
المعركة الكبرى التي تواجهها بلادنا مع البطالة ستكون طويلة ومعقدة لأنها لا ترتبط بتوفير فرص العمل أو خلقها في الاقتصاد فقط، بقدر ارتباطها بالثقافة الاجتماعية وتراكم سنوات الطفرة، وغياب مؤسسات اجتماعية فاعلة قادرة على معالجة الإشكالات الاجتماعية التي تؤدي بالنهاية إلى إنتاج عنصر بشري غير منتج. لا نحتاج إلى أدلة، ولا إلى ذكر أوضاع البطالة المقنعة في الجهاز الحكومي، ولا إلى النظر إلى صفوف العاطلين لدى أبواب مكاتب التوظيف الحكومي ولو على وظيفة جندي حيث يتزاحم عليها آلاف المتقدمين، ولا إلى شكاوي القطاع الخاص من تعامل بعض أبناءنا مع وظيفة القطاع الخاص، ولكن يكفي أن نتأمل الذهنية الاجتماعية قولا وفعلا لنتأكد من حجم المشكلة.
مثلا كثيرا من تتعرض إلى سؤال “عساك مرتاح” الذي لا يكاد شخص يسألك عن أوضاع العمل إلا ويبادرك به، هو حتى ولو كان على سبيل المجاملة فهو يعبر بشكل واضح عن ذهنية لا تحب العمل، وتركن إلى الراحة، بدليل أنه يتمناه لك كما يتمناه لنفسه. (شخصيا) أحرص ألا أسأل أي موظف جديد أو شاب مثل هذا السؤال، لأني على قناعة أنه بحاجة إلى العمل وتعب والجد ليحقق آماله، وكثيرا ما أرد على من يوجه هذا السؤال بأنه من الأفضل أن لا يكون مرتاحا.
ما سبق مثال لفظي، يعشش في ذهنيتنا، فما هو المثال الفعلي؟ المثال الفعلي يتعرض له الطفل في أول يوم درسي له، حيث ترسل المدرسة أول إشارة سلبية عن ثقافة العمل، حيث أن من يزيل بقايا الأكل وينظف الفصل عامل النظافة وليس الطالب الذي رماه هذه المخالفات. وهكذا تتحول مرحلة التقاط المعارف والثقافات إلى مرحلة مميزة لالتقاط الإشارات السلبية، لأن الطالب في هذا المكان مخدوم محشوم. وأتذكر أن معلما رفض أن يجمع الطلاب مخالفات المدرسة بدعوى أن هذا دور عامل النظافة.
إن أردنا مقاومة البطالة – مستقبلا – فعلينا تفتيت الصورة الذهنية في عقولنا طلاب المدارس أولا، وإقحام ثقافة العمل في صلب العملية التربوية منهجا وفكر وممارسة .. إن لم نفعل ذلك – وغالبا لن نفعل – فعلينا إحداث مزيد من الوظائف في الجهاز الحكومي لاستيعاب الأعداد المتزايدة كل عام، ودفع ضريبة ذلك ماليا واجتماعيا، لنستمر في الصدارة كأحد أبرز الشعوب استهلاكا وخمولا.
@habeebalshammry
المصدر الجزيرة اونلاين:
أحدث التعليقات